تاريخ الامريكيتينتاريخ الامم
ما مصير القادة المخلوعين بعد نفيهم خارج بلادهم؟
اختارت سريلانكا رئيسا جديدا لها، لكن ماذا سيحدث للرئيس الفار جوتابايا راجاباكسا؟
فر راجاباكسا من وطنه إلى جزر المالديف في 13 يوليو / تموز، واستقل بعد ذلك رحلة إلى سنغافورة، حيث أعلن استقالته.
لكن ليس من الواضح ما إذا كان سيبقى هناك. وقالت وزارة الخارجية السنغافورية إنه دخل البلاد في “زيارة خاصة” قصيرة الأمد، وقال متحدث باسم مجلس الوزراء السريلانكي إنه سيعود إلى وطنه.
لكن مجموعة حقوقية تقدمت بشكوى جنائية إلى المدعي العام في سنغافورة تطلب القبض عليه لدوره في الحرب الأهلية الوحشية في سريلانكا، وأشارت تقارير سابقة إلى أنه قد يلجأ إلى المملكة العربية السعودية أو الإمارات العربية المتحدة بعد ذلك.
ولكن ما الذي يمكن أن يتوقعه راجاباكسا – وسريلانكا – إذا انضم إلى القائمة الطويلة للقادة الذين أُجبروا على الذهاب إلى المنفى؟
نلقي هنا نظرة على بعض الأمثلة البارزة من التاريخ لمعرفة ذلك.
الدالاي لاما (في المنفى من 1959 إلى الوقت الحاضر)
عندما يقبل بلد ما شخصية مثيرة للجدل، يمكن أن تكون للأمر عواقب جيوسياسية.
أدى قرار الهند بمنح اللجوء للدالاي لاما في عام 1959 بعد قمع الصين العنيف لانتفاضة التبت، إلى خلق مصدر دائم للصراع بين أكثر دول العالم كثافة سكانية.
تجاهل رئيس الوزراء الهندي آنذاك جواهر لال نهرو تحذيرا من نظيره الصيني، تشو إن لاي، بعدم السماح للزعيم البوذي بالدخول.يقول عالم السياسة الهندي مادهاف نالابات: “إن جذور عدم ثقة بكين في دلهي بدأت باستضافة الراهب اللطيف الذي حل ضيف شرف على الهند منذ عقود”.
ويضيف: “قرار نهرو تجاهل طلب نظيره الصيني كان بالغ الأهمية، واستقباله للدالاي لاما خلق شرخا بين الهند والصين لا يزال قائما حتى اليوم.”
آية الله الخميني (1964-1979) وشاه إيران (1979-1980)
عندما يذهب زعيم إلى المنفى، قد يعود آخر.
كان روح الله الخميني عالما دينيا بارزا من إيران عارض – ثم حل محل – نظام الشاه محمد رضا بهلوي الموالي للغرب، مما أدى إلى إنشاء الجمهورية الإسلامية الحالية.
وقد عاني كلا الرجلين من المنفى بسبب هذا الصراع على هوية واتجاه بلدهما، والصعوبة التي واجهها الشاه في العثور على ملاذ آمن يجب أن تكون بمثابة تحذير للقادة الآخرين الذين يفكرون في استراتيجية خروج.
في عام 1964، تم نفي الخميني بسبب معارضته الصريحة، وسافر إلى تركيا والعراق ثم فرنسا، حيث حث أنصاره من هناك على الإطاحة بالشاه.
وتراجعت شعبية الشاه بشكل متزايد – كانت هناك أعمال شغب وإضرابات ومظاهرات على مستوى البلاد – وفي يناير/ كانون الثاني من عام 1979، انهارت حكومته وفر وعائلته إلى المنفى.
في 1 فبراير/ شباط عام 1979، عاد الخميني إلى إيران منتصرا. وقال الصحفيون الذين كانوا على متن الرحلة معه – بمن فيهم مراسل بي بي سي جون سيمبسون – إنهم كانوا يخشون من إسقاط الطائرة.
كان هناك استفتاء وطني وفاز الخميني بنصر ساحق وعُين زعيما سياسيا ودينيا لإيران مدى الحياة.
غادر الشاه وزوجته الإمبراطورة فرح أولا إلى أسوان في مصر – وقد أفادت تقارير رسمية أن الشاه غادر لقضاء “إجازة” ولتلقي العلاج الطبي.
أمضى فترات وجيزة لاحقا في المغرب وجزر الباهاما والمكسيك والولايات المتحدة وبنما، قبل أن يموت بسبب إصابته بالسرطان في القاهرة في 27 يوليو/ تموز عام 1980.
ومجرد وجود الشاه المخلوع في الولايات المتحدة لتلقي العلاج الطبي أدى إلى اقتحام السفارة الأمريكية في طهران، وبرزت أزمة الرهائن المعروفة، حيث تم احتجاز الدبلوماسيين الأمريكيين لأكثر من 400 يوم.
حكم الخميني إيران مرشدا أعلى حتى وفاته في 4 يونيو/ حزيران عام 1989.
عيدي أمين دادا (1979-1993)
حتى الطغاة المتوحشون يمكنهم أحيانا العثور على مأوى.
كان عيدي أمين قائدا عسكريا استولى على السلطة في أوغندا في عام 1971، ولبقية ذلك العقد أخضع أمين البلاد لدكتاتورية وحشية اتسمت بالمذابح وطرد جميع سكان البلاد الآسيويين.
ولكن على الرغم من ذلك تمكن من إيجاد طريق للفرار عندما أطاحت به القوات التنزانية والأوغنديون المنفيون في عام 1979.
يوضح البروفيسور إسكربا فولش أن “الدكتاتوريين هم أكثر ميلا للفرار إلى البلدان التي تربطهم بها روابط تاريخية أو سياسية أو عسكرية أو اقتصادية”.
وهكذا تدخلت المملكة العربية السعودية لإيواء الزعيم المسلم، على الرغم من الاتهامات بأنه أشرف على مقتل ما يصل إلى 400 ألف أوغندي خلال فترة وجوده في السلطة.
عاش الزعيم الأفريقي السابق في رفاهية في المملكة حتى وفاته عام 2003.
دوفالييه “بيبي دوك” (1986-2011)
قد لا تسير الأمور على ما يرام في الخارج.