أخبارتاريخ افريقياتاريخ اوروبا
مالكوم إكس والدعوة إلى مقاومة الظلم العنصري بـ”أي وسيلة ضرورية”
في 19 مايو/أيار من كل عام يحتفي الكثير من الأمريكيين بـ “يوم مالكولم إكس”، وهو ذكرى ميلاده، لتكريم أحد أبرز المدافعين عن حقوق السود في الولايات المتحدة خلال حركة الحقوق المدنية في الستينيات من القرن الماضي، وهذا اليوم ليس عطلة فيدرالية وإن كانت بعض الولايات والمدن الأمريكية قد جعلته عطلة، فمن هو مالكولم إكس؟
وُلد مالكولم إكس في 19 مايو/ آيار من عام 1925 باسم مالكولم ستيوارت ليتل، وكان الرابع من بين ثمانية أطفال، في أوماها بولاية نبراسكا الأمريكية وتوفي في 21 فبراير/ شباط من عام 1965 في نيويورك، وكان شخصية بارزة في جماعة أمة الإسلام . بعد اغتياله انتشرت قصة حياته على نطاق واسع وبات بطلاً بين الشباب السود. وذلك بحسب دائرة المعارف البريطانية.
السنوات الأولى واعتناق الإسلام
بعد ولادته في نبراسكا انتقل الرضيع مالكولم مع عائلته إلى لانسينغ في ميتشيغان. وخلال طفولته المبكرة تعرض وعائلته لإساءات عنصرية من جماعة كو كلوكس كلان فكان عليهم التنقل كثيرًا لتجنب أذى هذه المجموعة العنصرية العنيفة.
وعندما كان مالكولم في السادسة من عمره، توفي والده، القس إيرل ليتل، المؤيد للزعيم الأسود ماركوس غارفي ، بعد أن صدمته عربة ترام، ما أثار تكهنات بأنه كان ضحية جريمة قتل على يد البيض.
وكانت الأسرة فقيرة جدًا لدرجة أن والدة مالكولم، لويز ليتل، لجأت إلى طهي نباتات الهندباء الخضراء من الشارع لإطعام أطفالها. وبعد أن تم إدخالها إلى مصحة للأمراض العقلية في عام 1939، تم إرسال مالكولم وإخوته إلى دور رعاية أو للعيش مع أفراد الأسرة.
كان مالكولم متفوقًا في المدرسة، ولكن بعد أن أخبره أحد معلميه في الصف الثامن أنه يجب أن يصبح نجارًا بدلاً من محامٍ، فقد الاهتمام وسرعان ما أنهى تعليمه الرسمي.
انتقل مالكولم من دار رعاية بولاية ميشيغان ليعيش مع أخته غير الشقيقة، إيلا، في بوسطن. وهناك انخرط في أنشطة إجرامية صغيرة في سنوات مراهقته، ليصبح محتالًا في الشوارع، وتاجر مخدرات، وزعيم عصابة من اللصوص في روكسبري وهارلم (في مدينة نيويورك).
وأثناء وجوده في السجن بتهمة السرقة من عام 1946 إلى عام 1952، خضع لتحول قاده في النهاية إلى إلى الانضمام إلى جماعة أمة الإسلام، وقد تأثر قراره بالانضمام إلى الأمة أيضًا بالمناقشات مع شقيقه ريجنالد، الذي أصبح عضوًا فيها والذي سُجن مع مالكولم في سجن نورفولك كولوني في ماساتشوستس عام 1948.
وقد أقلع مالكولم عن التدخين والمقامرة وأكل لحم الخنزير في عام 1948. ومن أجل تثقيف نفسه، كان يقضي ساعات طويلة في قراءة الكتب في مكتبة السجن. ووفقًا لتقاليد جماعة أمة الإسلام، استبدل بلقبه “ليتل” علامة “إكس”، وهي عادة بين أتباع أمة الإسلام الذين اعتبروا أن أسماء عائلاتهم قد نشأت من البيض مالكي العبيد.
مالكولم إكس وجماعة أمة الإسلام
في أوائل القرن العشرين، أكد بعض الزعماء الدينيين المسلمين في الولايات المتحدة أن الإسلام هو الدين الطبيعي للسود، معتمدين بشكل كبير على روايات المسلمين الأفارقة التي تم اختطافهم منذ قرون وبيعهم كعبيد في الأمريكتين.
وتقول دائرة المعارف البريطانية إن حركة أمة الإسلام، حركة وتنظيم للأمريكيين السود، تأسست عام 1930 على يد إليغا محمد وتشتهر بتعاليمها التي تجمع بين عناصر الإسلام التقليدي والأفكار القومية السوداء.
كما تمزج جماعة أمة الإسلام بين أفكار دينية وأخرى تندد بالمعاناة التي تعرض لها السود على أيدي البيض.
وقد اشتملت عقيدتهم على مطالبات بدولة قومية منفصلة للأمريكيين السود، على اعتبار أن التاريخ يظهر أنهم “لا يستطيعون التوافق” مع الجيران البيض، فالتزاوج بين الأعراق محظور. وكانت الجماعة قد تعرضت للقمع خلال الحرب العالمية الثانية لدعوتها أتباعها لرفض للخدمة العسكرية.
بعد إطلاق سراح مالكولم إكس من السجن التقى إليغا محمد في شيكاغو عام 1952، وأسس صحيفة الأمة التي طبعها في قبو منزله، وطالب كل عضو في الجماعة ببيع عدد معين من الصحيفة في الشارع كأسلوب للتجنيد وجمع الأموال. كما قام أيضًا ببلورة المذاهب العنصرية للأمة بشأن “الشر المتأصل للبيض والتفوق الطبيعي للسود”.
وقد ارتقى مالكولم سريعًا في صفوف أمة الإسلام حيث قام إليغا محمد، الذي كان لديه مودة خاصة لمالكولم، بتعيينه المتحدث باسم الجماعة، في المرتبة الثانية بعد محمد نفسه. وتحت قيادة مالكولم، زعمت جماعة أمة الإسلام أن عدد أعضائها نصف مليون عضو.
وكان مالكولم إكس متحدثًا عامًا فصيحًا، وشخصية كاريزمية، وقد عبر عن الغضب المكبوت والإحباط والمرارة لدى الأمريكيين من أصل أفريقي خلال حركة الحقوق المدنية من 1955 إلى 1965.
وقد ألقى الخطب في شوارع هارلم وتحدث في الجامعات الكبرى مثل جامعتي هارفارد وأكسفورد . وقد جعله ذكاؤه الثاقب وتطرفه المتحمس ناقدًا هائلاً للمجتمع الأمريكي. كما انتقد مفاهيم حركة الحقوق المدنية السائدة، مما شكل تحديًا لمارتن لوثر كينغ حول التعايش واللاعنف.
جادل مالكولم بأن قضايا الهوية السوداء والنزاهة والاستقلال للسود أكثر أهمية من الحق المدني في الجلوس في مطعم أو حتى التصويت وعلى النقيض من استراتيجية كينغ الداعية إلى اللاعنف والعصيان المدني حث مالكولم أتباعه على الدفاع عن أنفسهم “بأي وسيلة ضرورية”.
كما أنه اختلف مع طموح مارتن لوثر كينغ في أن تكون أمريكا مكانا يعيش فيه السود والبيض معًا حيث لم يؤمن مالكولم بهذه الرؤية وأراد أمة منفصلة للسود فقط.
الخلاف مع أمة الإسلام والاغتيال
كان مالكولم إكس قد أصبح لاحقا مصدر إحراج لجماعة أمة الإسلام عندما عقب على اغتيال الرئيس الراحل جون كينيدي بالإشارة إلى ما معناه إنه قد حصد ما زرعه الرجل الأبيض من كراهية على مدى العصور، على الرغم من أن إليغا محمد قد حظر على أعضاء الجماعة التعقيب على اغتيال كينيدي.
وبعد خروجه من جماعة أمة الإسلام، تحول إكس إلى السلفية بعد الذهاب للحج وصار يعرف باسم الحاج مالك الشباز. وعندما عاد بدأ العمل مع قادة آخرين في مجال الحقوق المدنية مثل مارتن لوثر كينغ حول سبل تحقيق المساواة في الحقوق سلمياً.
كان لمالكولم أعداء داخل أمة الإسلام، وفي 14 فبراير/ شباط من عام 1965، هوجم منزله وأُحرق.
وقبل أن يتمكن من التعبير عن آرائه الجديدة بشكل كامل قتله أعضاء من أمة الإسلام عام 1965، بحسب دائرة المعارف البريطانية.
كان سيلقي خطابا في قاعة مسرح “أودوبون” في نيويورك يوم 21 فبراير/ شباط من عام 1965، عندما فتح عليه رجل النار ثم التحق به شخصان آخران وأطلقا النار هما أيضا على مالكولم إكس، فسقط ميتا، وكان يبلغ من العمر 39 عاما، بعد أن تلقى 21 رصاصة، وكانت زوجته الحامل وبناته الأربع يجلسن في الصف الأمامي، ويحاولن في هلع الاحتماء من الخطر.
واعترف رجل من منظمة أمة الإسلام بقتله.
وفي فبراير/ شباط من عام 2023، قالت إليسا شباز ابنة مالكوم إكس، إنها ستقاضي شرطة مدينة نيويورك ووكالات أخرى منها المخابرات المركزية الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آى) بسبب جريمة قتل والدها عام 1965.
وقالت إن المسؤولين الأمريكيين أخفوا بطريقة احتيالية أدلة تكشف أنهم “تآمروا ونفذوا خطتهم لاغتيال” والدها.
وكانت إليسا شباز تبلغ من العمر عامين عندما رأت والدها يُقتل بالرصاص.
إرث مالكولم إكس والحريات المدنية
انتهى الفصل العنصري في جميع أنحاء الولايات المتحدة بفضل جهود حركة الحقوق المدنية في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، والتي كان مالكولم إكس أحد أبرز قياداتها.
وتشمل الحقوق المدنية الحق في الحرية، والحق في التعليم، وحق البالغين في التصويت، والحق في محاكمة عادلة.
ولفترة طويلة في الولايات المتحدة، حُرم الأمريكيون من أصل أفريقي من حقوقهم المدنية.
فقد عانى الأمريكيون السود من الرق وتم بيعهم وشراءهم مقابل المال. وكانت حياتهم كرقيق صعبة للغاية ويصعب تخيلها الآن. وعومل معظمهم معاملة مروعة من قبل أصحابهم البيض ولم يكن لديهم أي حقوق على الإطلاق. واضطر العديد منهم إلى تغيير أسمائهم، وأحياناً إلى اسم مالكهم.
على الرغم من إلغاء العبودية في إنجلترا عام 1833، وفي أمريكا عام 1865، إلا أن السود ظلوا يعاملون بشكل عادل بسبب قوانين – أو قواعد – الفصل العنصري الذي يفصل بين السود والبيض.
وكان الفصل العنصري في الولايات المتحدة يعني، بموجب القانون، أن الأشخاص غير البيض يُبقون منفصلين جسديًا ويعاملون بشكل سيئ مقارنة بالأشخاص البيض.
وكانت أشياء مثل السكن والمستشفيات والمدارس ووسائل النقل وأماكن العمل منفصلة، بناءً على لون بشرة الشخص.
وعلى سبيل المثال، لم يُسمح للأطفال السود بالذهاب إلى نفس المدارس مثل الأطفال البيض، وكان على السود الجلوس بشكل منفصل في الحافلات، ولم يُسمح لهم بالتواجد في المناطق المخصصة للبيض فقط.
وقد أدت سوء معاملة السود، أو أي شخص يعتبر من غير البيض، إلى ظهور حركة الحقوق المدنية عندما بدأ الأمريكيون من أصل أفريقي في مقاومة هذا التفاوت. لقد أرادوا أن يعاملوا بنفس الطريقة التي يعامل بها الأشخاص البيض.
وأسفرت الاحتجاجات الضخمة التي شارك فيها عشرات، بل ومئات الآلاف في كثير من الأحيان، عن الضغط على الحكومة لتغيير القوانين العنصرية غير العادلة.
وفي عام 1964، جعل قانون الحقوق المدنية أخيرًا من غير القانوني فصل الأشخاص في الأماكن العامة أو التمييز ضد أي شخص على أساس العرق أو اللون أو الدين أو الجنس أو الأصل القومي.
ويعتبر هذا التغيير المهم في القانون أحد أكبر إنجازات حركة الحقوق المدنية، والتي كان مالكولم إكس لاعبًا رئيسيًا فيها.
وتمت كتابة العديد من الكتب والأفلام عنه منذ ذلك الحين، بما في ذلك الفيلم الذي رشح لجائزة الأوسكار عام 1992 للمخرج سبايك لي والذي لعب فيه ممثل هوليوود دينزل واشنطن دور مالكولم إكس
المصدر: bbc news
.