“المشي في المتاهة”: نشاط قديم يساعد في الحد من التوتر والقلق
17 مايو، 2024
791
أصبحت “المتاهات” طريقة عالمية شائعة للحد من التوتر والقلق من خلال نشاط يربط العقل بحركة الجسم.
ذهبت سيرا على الأقدام بخطوات بطيئة إلى حدائق منحدرة في مكان لم أكن أعلم بوجوده حتى بدأت كتابة هذا المقال، مررت بهذه الحديقة مئات المرات، وهي حديقة تبعد ميلا واحدا فقط من منزلي الكائن في مدينة برايتون آند هوف الساحلية الإنجليزية، دون أن أعلم يوما أنها تحتوي على متاهة.
صمم تلك المتاهة الفنان كريس دروري في عام 2006، وهي مستوحاة من تصميم معقد على شكل بصمة أصابع عملاقة يبلغ عرضها 40 مترا، وتتميز بحجارة موضوعة بطريقة مسطحة على العشب.
تابعت السير داخل المتاهة بتركيز شديد على نحو جعلني لم أنتبه إطلاقا إلى من كانوا يركضون في الحديقة أو أولئك الذين كانوا يتنزهون بصحبة كلابهم حولي، بل غرقت في حالة تأمل عميقة وأنا أخترق طريقا ملتويا يزيد طوله عن 600 متر نحو مركز المتاهة.
استُخدمت المتاهات في جميع أنحاء العالم على مدار قرون عديدة كوسيلة لتهدئة الذهن وتخفيف حدة القلق واستعادة توازن الحياة وتعزيز الإبداع والتفكير، فخلال العصور الوسطى، كان نحو 25 في المئة من الكاتدرائيات تضم هذه المتاهات، واليوم أصبحت متاهات المشي وسيلة عالمية شائعة بشكل متزايد لترويج فكرة القضاء على التوتر عن طريق ربط العقل بحركة الجسم.
في البداية يتعين عليك عدم الخلط بين المتاهات والطرق المتقاطعة والمتشابكة داخل الحدائق، التي تربك الناس وتؤدي بهم إلى مسارات تجعلهم يضلون الطريق. فالمتاهات تعتمد على تصاميم كلاسيكية وهي، على الرغم من تعقيد مساراتها، تضمن التقدم دون عائق من وإلى مركزها.
ويقول القس لورين أرتريس، الذي أسس منظمة “فيريديتاس” غير الربحية في عام 1996 والتي تهدف إلى المساعدة في “ملء الكوكب بالمتاهات”، إن المتاهة “مسار أكيد في أوقات لا يمكن التنبؤ بها”.
وتعود أمثلة صور المتاهات الكلاسيكية إلى نحو 4000 عام، ففي أوروبا ومنطقة شمال أفريقيا أكتُشفت تصاميم متاهات في منحوتات صخرية ولوحات، فضلا عن نقوش لها على بلاط وعملات معدنية، كما اكتُشفت في ذات الوقت متاهات في جميع أنحاء آسيا والأمريكتين وجنوب أفريقيا، في منحوتات على الصخور أو في الرمال وسلال منسوجة مزخرفة.
وعلاوة على تلك الجذور التاريخية الراسخة، قد يمثل المشي في المتاهة جاذبية أخرى لدى الناس في ظل نمط الحياة المعاصر الذي يتسم بتزاحم الأنشطة، ويقول أرتريس: “فشل كثيرون مثلي في الجلوس للتأمل، والتأمل أثناء المشي يتطلب نفس الوعي الداخلي”.