ظلت قصة كتيبة النساء السوداوات التي جاءت من الولايات المتحدة إلى إنجلترا إبان الحرب العالمية الثانية لحل أزمة البريد مستترة على مدى عقود، ولكنهن حصلن مؤخرا على التقدير الذي يستحققنه. تحدثت بي بي سي إلى بعض أقارب عضوات الكتيبة التي كانت معروفة باسم “6888”.
في عام 1945، بينما كانت الحرب مشتعلة في الكثير من أنحاء الكوكب، لبت 855 سيدة نداء الجيش الأمريكي لرفع معنويات الجند وحل مشكلة الخطابات والطرود البريدية التي تراكمت في إنجلترا على مدى عامين.
أبحرت الكتيبة من أمريكا إلى المملكة المتحدة، واستقر أفرادها في مدينة برمنغهام.
وأصبحت الميجور تشاريتي آدامز، التي كان عمرها آنذاك 26 عاما، أول سيدة سوداء تقود كتيبة تابعة للجيش الأمريكي خارج البلاد، وساهمت هي ووحدتها في حل مشكلة ضخمة.
مُنحت الكتيبة النسائية ستة شهور، ولكنها تمكنت من إنهاء المهمة في نصف تلك المدة حيث شكلت فرقا تناوبت العمل على مدى 24 ساعة، وأخذت ترتب وتصنف 17 مليون خطاب وطرد.
ومن خلال ذلك، تمكنت هؤلاء النسوة من رفع معنويات الجنود على الجبهات الأمامية، والذين كانوا قد فقدوا الاتصال مع أحبائهم في أرض الوطن.
تقول الكولونيل إدنا كَمينغز، الضابطة المتقاعدة التي خدمت في الجيش الأمريكي على مدى 25 عاما: “نادرا ما أسمع أي شيء عن النساء السوداوات اللاتي خدمن في الجيش خلال الحرب العالمية الثانية، وكأنهن قد شُطبن من التاريخ”.
اتخذت الكتيبة النسائية من مدرسة كينغ إدوارد بإدجباستون، برمنغهام، مقرا لها، ثم انتقلت فيما بعد إلى روين وباريس في فرنسا. وقد واجهتهن العديد من التحديات، بما في ذلك المعدات التي عفا عليها الزمن، والاختلافات الثقافية والتفرقة ضد النساء.
عملت هؤلاء السيدات في مبان مكتظة خافتة الإضاءة تفتقر إلى التدفئة، وكانت أكوام الخطابات والطرود تصل إلى السقف. الكثير منهن قلن إنهن كن محاطات بالفئران والجرذان، التي كانت تحاول الوصول إلى الأطعمة التي فسدت داخل الطرود البريدية.
وعلى الرغم من ذلك، تحدت النساء كل العقبات واكتسبن سمعة طيبة لكفاءتهن وتفانيهن في العمل.
عندما عادت الوحدة – التي ضمت أيضا بعض النساء من أمريكا اللاتينية – إلى الولايات المتحدة في عام 1946، لم يتم الاحتفاء بها أو إبداء أي شكل من الاعتراف أوالامتنان لعضواتها لما حققن من إنجازات.
لكن بعد مرور حوالي 80 عاما، أخيرا حصلت الكتيبة على التكريم الذي تستحقه.
فقصتهن هي موضوع فيلم سينمائي من تأليف تايلر بِري من المقرر عرضه على منصة نتفليكس.
تقوم ببطولة الفيلم كل من أوبرا وينفري وكيري واشنطن، وقد ولدت فكرة الفيلم عندما اطلع بِري على مقال بمجلة مختصة بتاريخ الحرب العالمية الثانية يتحدث عن الكتيبة، بقلم المؤرخ كفين إم. هايمل عام 2019.
كان هذا الفيلم، فضلا عن الجهود المحمومة التي قامت بها الكولونيل كَمينغز لتسليط الضوء على إنجازات هؤلاء النساء، بمثابة محفز للاعتراف بإنجازات الكتيبة 6888 على مستوى العالم.
فقد أقيم نصب تذكاري مكرس لعضوات الكتيبة في ولاية كانزاس الأمريكية عام 2018. وبعد ثلاث سنوات، وقع الرئيس جو بايدن على قانون “ميدالية الكونغرس الذهبية ل[الكتيبة] 6888” لعام 2021، والذي منح هؤلاء النسوة أرفع وسام مدني في الولايات المتحدة في مارس/آذار العام الماضي.
كما أن هناك خططا لإنتاج مسرحية غنائية تدور حول قصة الكتيبة من المقرر أن تعرض في أحد مسارح برودواي.
لكن من هن هؤلاء النسوة اللاتي جرى تكريمهن؟ لقد كانت هؤلاء الرائدات المتواضعات أمهات وجدات محبوبات، كما كنّ ركائز لمجتمعاتهن.
وقد سافر بعض أحفادهن من الولايات المتحدة إلى منطقة وست ميدلاندز حيث توجد مدينة برمينغهام لتتبع خطاهن.